أسامة داود يكتب: لم يعد فى قوس الصبر منزع.. لماذا يتجاهل رئيس "التأمين الصحى" رسائل الاستغاثة لمرضى يشرفون على الموت؟

يبدو أن رئيس هيئة التأمين الصحى الموكل إليه أمر صحة وحياة ما يقرب من 70 مليون مواطن منتفع أصبح غافلاً عنهم، وربما أصبح يرى أن الموت هو الحل الوحيد لتوفير تكاليف علاج المرضى. وبكل أسف تحول كرسى رئيس هيئة التأمين الصحى إلى مجرد موقع يضيف إلى رصيد من يجلس عليه ولا يفيد هؤلاء المرضى.. وتحول مكتبه إلى منطقة تثاؤب لا تعنى له إلا قضاء وقته الذى قد يتسع لأى شيء باستثناء احتياجات المرضى من منتفعى التأمين الصحى الموكلين إليه طبقًا للموقع الذى يشغله ويتقاضى عنه عشرات الآلاف من الجنيهات شهريًا غير البدلات والحوافز والمكافآت التى تصرف له أيضًا من أموال المرضى التى تسدد كاشتراكات تدفع طوال حياتهم، بينما يغيب عنه أبسط حقوق المرضى تاركًا الأمر، على اعتبار أن أوجاع وأنين المبتلين بأمراض أمر طبيعى تجاهله، وربما لا يقل تجاهله لهم عن أشد وأفتك تلك الأمراض. وحتى أكون منصفًا أشهد الله أننى وخلال متابعتى وتجربتى مع هذه الهيئة العريقة للتأمين الصحى وقطاع الصحة التى بدأتها منذ وقت مبكر منذ نهاية القرن الماضى وتحديدًا فى عام 1999 وحتى الآن، لم أجد للتأمين الصحى رئيسًا بعد الدكتور على حجازى الذى تبع سلسلة من العظماء منهم الدكتور مصطفى عبد العاطى والدكتور محسن عزام. وجميعهم يمكن أن أسرد عنهم فى مجلدات الجانب الإنساني والتعامل بأريحية واهتمام يفوق الوصف وتذليلهم العقبات أمام توفير احتياجات المرضى من العقاقير مهما زاد سعرها، ولو تجاوزت جرعات المريض مئات الآلاف من الجنيهات وكان معظمهم يردد قوله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا". واليوم على خلاف ما كان يحدث أصبح الموت هو أقصر الطرق لراحة المرضى من أمراضهم. لدينا بعض التجارب مع رئيس الهيئة الحالى فى عدم الرد على رسائل الاستغاثة على الواتساب المرسلة على موبايله دون مبالاة رغم اطلاعه عليها، بحيث أصبح من المستحيل أن نلجأ له حتى بعد أن تكون قد سدت فى وجوهنا كل الحيل، وبات اللجوء إليه كمن يستجير بالنار من الرمضاء. مثلاً، طفلة وليدة لم يتم تسميتها ألحقت على الفور بحضانة فى جمعية خيرية تحمل اسم جمعية مستقبل مطوبس، وبعد مرور ساعات طويلة تطلب الأمر نقلها إلى حضانة مزودة بجهاز تنفس صناعى عالى التردد وهو ما يتواجد بمستشفيات التأمين الصحى وصعب أن تضمه جمعية تدار بجنيهات فاعلى الخير. نقل الأهل صرخاتهم على رقم تليفون طوارئ 137 الذى أشاعوا لنا أنه لإنقاذ الأطفال غير مكتملى النمو، ولكن للأسف لم يتم توفير مكان. جاءتنى الرسالة نصًا من ذوى الطفلة باسم الأم.. وعمرها فى تلك الدنيا الذى لا يتجاوز 4 أيام والوزن والتشخيص وأنها تعانى ارتفاعًا شديدًا فى ضغط الشريان الرئوى وتحتاج إلى حضانة مزودة بجهاز تنفس صناعى عالى التردد. نقلت الرسالة مرفقًا بها تليفون أسرة الحالة وكل ما يتعلق بها إلى محمد ضاحى رئيس الهيئة بعدما أعيتنا سبل الوصول إلى مكان لإنقاذ حياة الطفلة المسكينة، أوصلت الرسالة عبر الواتساب الخاص به لتعطينى وفى التو إشارة الاطلاع عليها، ولكن على ما يبدو أنه كان يطالع أمورًا أخرى وليس لديه وقت للرد على استغاثات مرضى ضاقت بهم السبل.. مما دفعنى لأن أخاطبه عبر نفس الواتساب لأن هاتفه على ما يبدو مصاب بالخرس.. ربما يكون فى وضع الصامت بلا جدوى. ولكن تجاهل الرجل حالة تشرف على الموت بينما يعيش أهلها حالة رجاء فى أن يسخر الله لها قلوبًا بها ولو بقايا رحمة فى أن يتم اللحاق بآخر أمل لهم فى إنقاذها. حتى شككت فى أننى أخطأت الهاتف وهو ما لم يحدث.. قلت ربما يرى الدكتور ضاحى أنه لا يمثل التأمين الصحى فى دولتنا مصر ولكن فى دولة أخرى.. لا يعنيه صراخ المرضى وذويهم التى تهتز لها أوتار القلوب. أتحدث ليس عن حالة فردية ولكن عن نموذج لعشرات الحالات التى يتعامل معها التأمين الصحى على أنها ربما لا ترقى للاهتمام بها، بينما اللجنة العليا للدواء فى الهيئة العامة للتأمين الصحى لا تكترث بحالات الأمراض المستعصية التى تقف فى طابور انتظار الموافقات التى تتوقف لسبب نزلة برد أو عدم "روقان مزاج" الموكل إليهم مراجعة الأدوية المدونة من لجان وأطباء التأمين الصحى فيما يخص العقاقير مرتفعة القيمة والتى تكون ضرورية لتلك الحالات. هناك مثلاً حالة أخرى لمريض أورام كبد يحتاج إلى نوعين من العلاج أقره جميع أساتذة علاج الأورام، ولكن التأمين الصحى أقر بأحد العقارين وتوقف أمام الآخر فى انتظار تعليمات من الهيئة لأنها تعاقب من يكتبه لأن سعره يتجاوز الـ100 ألف جنيه وبالتالى المشكلة فى السعر وليس فى حياة المريض. النوع الذى تم الموافقة عليه تم إرساله للجنة بتاريخ إبريل الماضى ومن خلال ملف يحمل رقم 229772 لكن اللجنة تقول إنه فى العرض؟.. أى عرض هذا يا رئيس هيئة التأمين الصحى؟ هل العرض يجب أن يبقى عقار مرتهن به حياة مريض معلقًا لمدة أسابيع حتى يلفظ أنفاسه؟ وأخيرًا لا أجد ما أقوله سوى ما يقال عندما تصل الأمور إلى منتهاها، (لم يعد فى قوس الصبر منزع).. وحسبنا الله ونعم والوكيل فيمن يهملون الأمانات الموكلة إليهم.. ويديرون المؤسسات التى يتولون أمرها وكأنها تكايا توارثوها عن آبائهم.